حنين | معرض رقميّ

للفنّان التشكيليّ فؤاد إغباريّة

 

تقول الكاتبة والروائيّة والفنّانة التشكيليّة الفلسطينيّة د. عايدة نصر الله في تقديمها لأعمال الفنّان الفلسطينيّ فؤاد إغباريّة: "تتميّز أعمال فؤاد في هذا المعرض بمسحات فرشاة حرّة وحفر بالسكّين، يتنوّع الحفر من خطوط عريضة إلى الخطوط الرفيعة كالخيوط. كما أنّ درجات اللون البنّي والأسود تشكّل بمثابة إضافة حركيّة للرسم، بحيث يطغى اللون الأصفر على باقي الألوان مع عدم ضياع الانسجام بينها. إنّ تقنية الحفر في اللون تضفي للرسم المسطّح بعض التحجيم والتعبير الحادّ، ومَن يرى الرسومات عن قرب يخال له وكأنّ الفنّان استعمل الإبرة والخيط، إذ تبدو تلك الخطوط المحفورة وكأنّها نسيج قماش. ربّما هذا الأسلوب يستدعي تأمّل الفنّان في طفولته لصانع المكانس المصنوعة من القشّ وهو يستعمل الإبرة والخيط في تصميم المكنسة، إذ يصرّح الفنّان بأنّه كان ينتظر بشغف "صانع المكانس الّذي كان يرتاد قريتنا بموسم الحصاد ليصنع ’المصالح‘ بآلته العجيبة، كنت أترقّب بشغف تلك اللحظة لأجلس بجانبه وأرقب إبداعه وخفّة يده".

تضيف نصر الله: "يتّخذ اللون الأصفر علامة الحنين لأيّام كانت في نظر الفنّان أيامًا مضيئة، رغم أنّ اللون الأصفر قد يتّخذ مدلولات كثيرة غير محدّدة المعالم، مثل الحقد أو الكراهية، غير أنّه "يجب الإقرار، في لحظة ما، بوجود اختلاف بين العلامة والمدلول"، فالعلامة، الّتي هي في سياقنا ’اللون الأصفر‘، لا يمكن أن تقنّن وفق معايير ثابتة؛ فالدلالة هي رهينة بيد المؤوّل الّذي يصبغ مرجعيّته على النصّ المؤوَّل أو الصورة المنظورة، فإنّ أمر التلقّي لن يذهب بشكل التلقّي الخطّيّ، لأنّ النصّ يتكوّن من علامات لا تشير إلى دلالات ثابتة. أوافق هنا الباحث سعيد بن كراد إذ يدّعي بالنسبة للتأويل بشكل عامّ "يكون وجود العلامة؛ فالماثول يحيل على موضوع غير مؤوّل وفق شروط الفعل المركّب للإدراك. وهذا معناه النظر إلى الدلالة باعتبارها سيرورة في الوجود وفي الاشتغال، وليس معطًى جاهزًا يوجد خارج الفعل الإنسانيّ". وهو يقصد بالماثول أي "ماذا تمثّل العلامة؟"، والعلامة الفنّيّة (الصورة) تختلف في تأويلها عن العلامة الكتابية – كلمة، نقاط ترقيم، كلّ هذه الإشارات هي جزء أساسيّ في التحليل اللغويّ – بينما عندما نرى صورة صنميّة، فإنّ المشاهد يحيل الرسم واللون إلى كلمات عن طريق التفسير حسب مرجعيّته وحسب بيئة الفنّان، إذا كانت معروفة".

تكمل نصر الله: "على الرغم من أنّ فؤاد فنّان تجريبيّ من حيث اللعب بتقنيّات مختلفة وبألوان ومواضيع مختلفة مثل بروز البورتريه الشخصيّ، وبورتريهات لمعلّميه ولأولاده، والمرسومة بأسلوب التعبيريّين الألمان وعلى رأسهم إرنست لودويج كيرشنر، إلّا أنّه اختار في هذه السلسلة أن يؤرّخ لطفولة وربّما لماض لم ينذثر من الواقع، إلّا أنّه وجد له مكانًا في الذاكرة. هذه الذاكرة الماضية تُستدعى عن طريق التخيّل لتصقل من جديد، وإن لم تشبه الواقع. في هذا السياق يدّعي بيير نورا: "يتمثّل الهدف الأكبر لمكان في الذاكرة في وقف عجلة الزمن، لسدّ الطريق على وظيفة النسيان، ولخلق نظام من الأشياء، ولتخليد الموت، وتحويل الأشياء غير المادّيّة إلى أشياء مادّيّة ملموسة، يحدث ذلك كلّه للقبض على قليل من العلامات، ومن الواضح أيضًا أنّ ثمّة أماكن في الذاكرة تخلق بسبب استعدادها القويّ للتشويه والاندثار، وإمكانيّة التلاعب بمعانيها إلى ما لا نهاية، وبفضل التفرّعات غير المتوقّعة لتوالدها". استنادًا إلى ادّعاء نورا، فإنّ تحويل الأشياء غير المادّيّة – كالذاكرة – إلى أشياء مادّيّة تتمثّل في الفنّ الفلسطينيّ كتشكيل مادّيّ. بالنسبة لهذه الرسومات يقول الفنّان: "أنا أحلم بتلك الأيّام، حتّى عندما أرى رذاذ المطر تستفيق صورة الطفولة بمرجعيّتها لحياة الفلاحة الّتي افتقدناها".

تنشر فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة معرضًا رقميًّا لبعض أعمال الفنّان التشكيليّ فؤاد إغباريّة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

فؤاد إغباريّة

 

 

 

فنّان فلسطينيّ من قرية مصمص، أحد أبرز الفنّانين الفلسطينيّين الشباب، تخرّج من كلّيّة الفنون وحصل على درجة البكالوريوس من «أكاديميّة بيتزاليل» في القدس عام 2004، وشهادة الماجستير من «جامعة حيفا» عام 2014.